الجامع المجاهدي المعروف أيضًا بـ جامع الخضر أو الجامع الأحمر هو واحد من أقدم المعالم الدينية في مدينة الموصل. منذ ثمانية قرون، يظل هذا الجامع مهيبًا بشموخه عند نهر دجلة، وهو شاهد على تاريخ المدينة والعمارة الإسلامية التي تجسدت فيه.
تاريخ بناء الجامع
تأسس الجامع في عام 576 هـ / 1180م على يد أبو منصور قايماز الرومي، الملقب بـ مجاهد الدين، الذي كان محافظًا لقلعة الموصل في ذلك الوقت. يتميز الجامع بموقعه الاستراتيجي في الجهة الجنوبية من مدينة الموصل، عند رأس جسر الحرية على الساحل الأيمن لنهر دجلة، مما جعله محطة رئيسية للمسافرين والتجار عبر العصور.
العمارة والزخارف
أشاد العديد من الرحالة الذين زاروا الموصل بجمال هذا الجامع، ومن أبرزهم ابن جبير الذي زار الموصل في عام 580 هـ / 1184م وعبّر عن إعجابه بتصميمه المعماري. كان الجامع المجاهدي مزينًا بزخارف جبسية وأجرية متنوعة، مما أضفى عليه طابعًا فنيًا ومعماريًا فريدًا.
من أبرز معالمه المعمارية:
- القبة الأجرية ذات الشكل نصف الكروي، التي تستند على قاعدة مضلعة، وهي واحدة من أبرز سمات العمارة الإسلامية في العصور الوسطى.
- المحراب الجبسي المزدوج، الذي يعد من أكبر المحاريب التي وصلتنا من القرن السادس للهجرة. وهو مزخرف بأوراق نخيلية ولوزية، مما يعكس براعة الفنانين المعماريين في تلك الفترة.
الترميم والصيانة
مع مرور الزمن، فقد الجامع العديد من أجزائه المعمارية الأصيلة، لكن لا يزال يحتفظ بعدد من المعالم التي تجسد جمالية فنون العمارة الإسلامية. في إطار الاهتمام بتراث الموصل، قامت مديرية الأوقاف والشؤون الدينية في نينوى بمبادرة ترميم الجامع وصيانته مؤخرًا، بهدف الحفاظ على هذا المعلم التاريخي الأثري.
يُعد الجامع المجاهدي أو جامع الخضر من أهم المعالم الإسلامية في مدينة الموصل، فهو رمز للتراث الديني والمعماري الذي يمتد عبر العصور. ومع الجهود المستمرة للحفاظ عليه، يبقى هذا الجامع شاهدًا على التاريخ الغني للمدينة، ويستقطب الزوار والباحثين في العمارة الإسلامية و التراث الثقافي.