يقع مرقد زمرد خاتون في الجانب الغربي من مدينة بغداد (الكرخ)، إلى الجنوب الغربي من ضريح الشيخ معروف الكرخي، في وسط المقبرة المعروفة باسمه. يتميز هذا المرقد بشكله الغريب والفريد، مما يجعله من أبرز المعالم في المنطقة.
زمرد خاتون، التي يذكر العلامة العراقي المرحوم الدكتور مصطفى جواد في مؤلفاته، كانت من سيدات دار الخلافة العباسية ببغداد. وُلدت أم خليفة وزوجة خليفة، وتُذكر بأنها اعتُقِلت من قبل الخليفة المستضيء بأمر الله، ومن ثم لقبت بـ “الجهة المعظمة”. أنجبت الناصر لدين الله في سنة 552 هـ – 1157م، وتُعتبر من أبرز الشخصيات النسائية في التاريخ العباسي.
قامت زمرد خاتون ببناء مدرسة للشافعية بجوار تربة الشيخ معروف الكرخي، بالإضافة إلى رباط (بناء ديني وعسكري) ومدفنها الخاص. افتتحت هذه المدرسة في سنة 589 هـ – 1192م، كما قامت ببناء مسجد الخفافين بالقرب من دجلة. كانت مشهورة بتفانيها في فعل الخير والعمل الخيري. توفيت في سنة 599 هـ – 1202م.
عمارة المرقد:
يتألف مرقد زمرد خاتون من غرفة الضريح المثمنة الأضلاع، وتقوم عليها قبة شاهقة مخروطية الشكل، وهي من أبرز الأمثلة على براعة المعمار العراقي. تم استخدام الآجر المقرنص بشكل فني رائع، حيث يتدرج من الأسفل إلى الأعلى حتى يصل إلى قمة القبة، مما يعكس تفوق المهارة المعمارية في ذلك العصر.
مر المرقد بعدة مراحل تعميرية، وكان آخرها في عهد الوالي ناظم باشا في سنة 1328 هـ – 1910م. ثم قامت دائرة الآثار والتراث بإعادة تعميره في سنة 1392 هـ – 1972م.
الخلط التاريخي:
يُلاحظ أن بعض الأشخاص قد نسبوا هذا المرقد خطأ إلى السيدة زبيدة، زوجة الخليفة العباسي هارون الرشيد، التي دفن رفاتها في مقابر قريش في الكاظمية، مما يضيف عنصرًا آخر من اللبس التاريخي حول هذا الموقع.مرقد زمرد خاتون هو من أبرز المعالم الدينية والتاريخية في بغداد، ويُعد شاهداً على الإبداع المعماري والخير الاجتماعي الذي قدمته هذه الشخصية العظيمة في تاريخ العراق.