يعد قصر الخليفة المعتصم في سامراء من أعظم المعالم المعمارية في تاريخ الدولة العباسية وأكبر قصر تم تشييده في العالم الإسلامي في ذلك الوقت. شُيد القصر في عام 221 هـ (836م) بأمر من الخليفة المعتصم بالله، وكان بمثابة المقر الرسمي للحكومة العباسية ومركز السلطة السياسية والعسكرية.
تصل مساحة دار العامة، التي كانت تمثل الجزء الرئيسي من القصر، إلى نحو مليون متر مربع، مما يجعله واحدًا من أكبر المنشآت المعمارية في التاريخ. كان القصر مكونًا من العديد من الأجنحة والمرافق المخصصة لسكن الخليفة وحاشيته وحرسه، بالإضافة إلى قاعات لممارسة ألعاب الفروسية ومرافق بيت المال. كما كان يضم ساحات كبيرة، مما يعكس الفخامة والقدرة التنظيمية العالية في العهد العباسي.
من المعالم المتبقية من هذا القصر الكبير هو مدخله الشهير المعروف باسم “باب العامة” الذي يقع بالقرب من نهر دجلة. يعتبر هذا المدخل من أبرز النقاط التاريخية للقصر، حيث كان يدخل منه العامة والمواطنون لمقابلة الخليفة، ولذلك سمي بـ “باب العامة”.
كما يبرز في القصر الأواوين الثلاثة، وأكبرها هو الذي يقع في الوسط، والذي يمتاز بحجمه الكبير، حيث يبلغ طوله 17.5 مترًا وعرضه 8 مترًا وارتفاعه الحالي 12 مترًا. كانت هذه الأواوين تشكل جزءًا أساسيًا من البناء وتم تزيين أسفل الجدران بزخارف جصية جميلة، مما يضيف طابعًا فنيًا مذهلاً للموقع.
يعتبر قصر الخليفة المعتصم مثالًا رائعًا للمعمار العباسي وقدراته التقنية في تلك الحقبة، ورغم مرور الزمن، يبقى هذا القصر رمزًا لهيبة الدولة العباسية وعراقتها.