يعتبر جامع النوري في مدينة الموصل أحد أقدم وأشهر المعالم الإسلامية في المدينة، ويتميز بمئذنته الحدباء الشهيرة التي جعلت منه أحد أبرز المعالم السياحية والدينية في العراق. يقع هذا الجامع في قلب المدينة، في المنطقة المسماة باسم “محلة الجامع الكبير”، وقد شُيد في عهد والي الموصل نور الدين زنكي الأتابكي بين عامي 566 هـ و568 هـ (1170 – 1172م).
أبرز ما يميز جامع النوري هو مئذنته الحدباء التي تعد أعلى مئذنة في العراق، حيث يتجاوز ارتفاعها الـ 56 مترًا. وتشتهر هذه المئذنة بسبب ميلها الواضح في الجزء العلوي من بنيتها، مما يمنحها شكلًا مائلًا أصبح مصدرًا لتسميتها بالحدباء، وهذا الانحناء جعل منها موقعًا سياحيًا فريدًا يعرفه العالم كله. كما تعد من أروع النماذج المعمارية الإسلامية بفضل طرازها الفريد والزخارف التي تزينها.
شهد الجامع العديد من الإصلاحات والتجديدات على مر العصور. ففي العهد العثماني، أجرى الوالي حسين باشا الجليلي إصلاحات هامة في الجامع، وفي بداية الحكم الوطني، قامت وزارة الأوقاف عام 1925م ببعض الإصلاحات الطفيفة، وتبعتها إصلاحات أخرى عام 1945م. أما في عام 1979م، فتمت صيانة جذرية لمنارة الحدباء من قبل إحدى الشركات، وانتهت في 1981م، حيث تم الحفاظ على ملامحها التاريخية بشكل دقيق.
للجامع مكانة خاصة في الثقافة العراقية والإسلامية، حيث يحتوي المتحف العراقي في بغداد على بعض الآثار من جامع النوري، مثل بقايا الواجهة الجصية التي تتزين بالكتابات الكوفية والزخارف الرائعة، وكذلك محراب رخامي مزدوج مزخرف بآيات قرآنية.
لكن، للأسف، تعرض الجامع النوري للتدمير خلال احتلال داعش لمدينة الموصل في عام 2014م، مما ألحق ضررًا بالغًا بمعالمه التاريخية والثقافية. ورغم ذلك، لا يزال جامع النوري يعد رمزًا من رموز الموصل، وذكرى هامة عن عراقتها التاريخية والمعمارية.