جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني

مادمت تتجول في بغداد، مدينة التاريخ والادب والثقافة نصطحبك الان الى موقع إسلامي جليل.. إلى الحضرة القادرية الواقعة في جانب الرصافة و في المحلة المسماة محلة باب الشيخ) نسبة الى صاحب الحضرة الشيخ عبد القادر الكيلاني (رض) شيخ الاسلام وزعيم العلماء في عصره وقبل ان يرنو بصرك اليها توطئة لزيارتها، لاباس من القاء نظرة عجلى على ماضي هذه الحضرة وحاضرها. تنبئنا صفحات التاريخ ان الحضرة القادرية كانت في الاصل مدرسة دينية بناها الفقيه الحنبلي الشيخ المبارك بن علي بن الحسين ابو سعيد المخرمي المتوفى سنة (٥١٣ هــ ۱۱۱۹ م) وهو عالم زاهد ورجل دين جليل مؤمن صالح،

ثم جددها ووسعها من بعده تلميذه الشيخ عبد القادر بن موسى بن عبد الله الكيلاني، وهو امام كبير ولد في اقليم جيلان جنوبي بحر قزوين سنة ( ٤٧٠) هـ – ۱۰۷۷ م) ، وقدم بغداد وهو شاب فاعانه الاغنياء باموالهم والفقراء بانفسهم، ثم تصدر في هذه المدرسة للتدريس والوعظ والتذكير. وسرعان مافاق اساتذته في التمسك بالفضل والزهد والمبدأ واوصى بالمحبة للغريب وبالتقشف، وذاع صيته، واصبح شيخاً جليل القدر، يحترم في كل مكان يدعو فيه مؤذن الى الصلاة ونسبت اليه الخوارق، وهرع اليه المريدون فأسس الطريقة القادرية التي مازالت قائمة الى يومنا هذا، والتي تعد من اوسع الطرق الصوفية انتشاراً في دول العالم. ويرجع نسب الشيخ عبد القادر من جهتي ابيه وامه الى امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) ، كما ان لنسبه اتصال بابي بكر الصديق (رض) وعثمان بن عفان (رض) وعمر بن الخطاب (رض)،

تو في هذا الشيخ المؤمن سنة (٥٦١ هـ – ١١٦٦ م) ودفن في رواق المدرسة، ثم آل بها الامر ان أتخذت مسجداً فكان واحداً من اعظم مساجد بغداد. وقد شهد مرقد وجامع الشيخ عبد القادر الكيلاني اعمالاً عمرانية عديدة، اهمها سنة ( ٩٤١ هـ ـ ١٥٣٤ م) حيث شيدت على مصلاه الشتائي قبة يندهش الناظر من عظمتها وارتفاعها وبديع صنعها واتقان هندستها، وقد عدت اكبر قبة في العراق شيدت من الطابوق والجص، وماتزال قائمة حتى اليوم، اما ساعة الحضرة الكيلانية التي شيد برجها بنفس طراز برج ساعة القشلة في بغداد، فقد تم نصبها في عام ١٣٣٦ هـ ١٨٩٨م في برجها الذي شيده المرحوم عبد الرحمن النقيب رئيس وزراء اول حكومة عراقية، نقيب اشراف بغداد، المتوفى عام ١٣٤٥ هـ ـ ۱۹۲۷م) ، وقد تم صنع هذه الساعة الفخمة في معامل (بونه) الشهيرة في مدينة بومبي بالهند، ويبلغ ارتفاعها ثلاثون متراً، وماتزال عقاربها تعمل بانتظام حتى هذه الساعة. وفي عام ۱۹۷۰ شهدت هذه الحضرة المقدسة جملة من اعمال الصيانة والتطوير منها تجديد القبتين الزرقاء والبيضاء وانشاء قباب اخرى مزينة بالقاشاني، مما جعلها آية من آيات الفن المعماري الاسلامي في العراق.

شارك المقالة: