المشهد الكاظمي

عزيزي الزائر… وانت تيمم شطر شمال العاصمة بغداد، لابد وان تبهرك اجواء مدينة الكاظمية، بمشهدها المهيب الذي يبعث الخشوع في النفس واسواقها الشعبية التي تتضوع بالنكهة (الفولوكلورية) وبيوتها التراثية التي تطوقها الشناشيل الا ترى معنا ان من المفيد ان تطل معنا من نافذة هذه المدينة على جزء من تاريخها وتاريخ مشهدها المسمى بـ (المشهد الكاظمي)،

الكاظمية مدينة تضرب في اعماق التاريخ البعيد .. وكانت قبل تشييد مدينة بغداد تعرف بـ (الشونيزى) وهي : تسمية عربية تعنى الحبة السوداء.. ومنذ ان شرع الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور بوضع لبنات مدينة بغداد المدورة عام (١٤٥ هـ – ٧٦٢م) في الجانب الغربي من نهر دجلة، جعل من تلك المنطقة مقابر تحتضن رفات اسرته واقربائه، فسميت (مقابر قريش) ، وممن ضمها ثراها جعفر بن المنصور، والخليفة الامين، والسيد زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد، ولما دفن فيها الامام موسى بن جعفر (ع) المتوفى سنة (۱۸۳ هـ – ۷۹۹ م) ، والذي كان يلقب بـ (الكاظم) لحلمه وعفوه عن الاساءة وكظمه للغيظ، ومن بعده حفيده الامام محمد الجواد (ع) المتوفى سنة (٢١٩ هـ ـ ٨٣٤ م ) ، وهما من اهل البيت النبوي الشريف نشات حول مرقد يهما بلدة عرفت (بالكاظمية)، كما اطلق على الامامين معاً (الكاظمين) وكذلك (الجوادين) لجودهما وكرمهما،

وانت تدلف إلى الروضة الكاظمية ينتابك احساس بالجلالة والانبهار حالما يقع بصرك على الطارمات والاواوين والاكشاك والاروقة المزينة بزخارف القاشاني المحفورة بنقوش نباتية وهندسية وايات قرآنية، إلى جانب الزخارف البديعة المعمولة من المرايا والمعادن الثمينة كالذهب والفضة. ولو تصفحت المراجع التاريخية لانباتك ان الخليفة العباسي المعتصم بالله كان قد امر ببناء هذه الروضة التي كان قوامها القبران والاروقة، ثم أعيد بناؤها مجدداً سنة (٩٢١هـ ـ ١٥١٥ م . ومع تعاقب الزمن أضيفت اليها الطارمات والاواوين والاكشاك والاروقة، وتنهض على القبرين قبتان ذهبيتان تحف بهما أربع ماذن كبيرة ومثلها صغيرة،

وتأتي ساعتا المشهد الكاظمي الشهيرتان، وتطل احداهما على الباب القبلي والثانية على باب المراد في الجهة الشرقية بعد المنائر والقباب الذهبية التي تحتضنها الروضة من حيث الأهمية التاريخية والجمالية، وقد تم نصب هاتين الساعتين في اواخر القرن التاسع عشر، وبالتحديد (۱۳۰۱ هـ – ۱۸۸۳ م) ، وشيد لكل منهما برج على طراز العمارة العربية الاسلامية. بقي أن نقول ان الروضة الكاظمية اصبحت اليوم آية من آيات فن العمارة الاسلامية التي تتجلى فيها سمات الروعة والبهاء، ويؤمها يومياً الاف الزوار من انحاء العراق وبلدان العالم الإسلامي.

المصدر: دليل السياحة الدينية في العراق ١٩٩٢

شارك المقالة: